استطاع صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ بمواقفه الثابتة التي تتسم بروح الود والإخاء والتضامن أن يكسب احترام الجميع على الصعيدين العربي والدولي، سواء في دعم الأشقاء أو نجدة الأصدقاء. ولعل موقف سموه التاريخي عندما اشتعلت الحرب بين العرب و "إسرائيل" في العام 1973 كان واحداً من أبرز مواقفه القومية المتعددة، إذ قطع زيارته التي كان يقوم بها آنذاك للعاصمة البريطانية، ليقول كلمته الشهيرة: "سأقف مع المقاتلين في مصر وسورية بكل ما نملك، وليس المال أغلى من الدم، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسورية"، فكانت دولة الإمارات في مقدمة الدول التي استخدمت البترول كسلاح استراتيجي. كما لم يتوقف ـ رحمه الله ـ عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للقضية الفلسطينية طوال حياته، فقد آمن بألا نصر للأمة العربية ولا رفعة لها إلا بالتضامن والوحدة والتآزر، وحظيت القضية الفلسطينية بمكانة كبيرة في تفكير وقلب سموه.
وعمل صاحب السمو الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ بإخلاص مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعد أن أعلن من أبو ظبي في 25 مايو 1981، قيام هذا المجلس.
لقد فتن المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالخيل، وأنزلها المنزلة التي تستحق مقتدياً بتعالم الدين الحنيف والسنّة النبوية الشريفة، فاصطفى ـ رحمه الله ـ واقتنى من الأصايل أفضلها ومن سلالاتها أجودها وأنقاها، ومارس الفروسية، التي شكلت قيمها الأصيلة جزءاً لا ينفصم من شخصيته وتكوينه الوجداني، عملياً في أروع وأنبل ميادينها، فلقد كان يقوم ـ رحمه الله ـ بجولات على صهوات الخيل يقطع خلالها المسافات الطويلة عبر المسالك والدروب الشاقة والوعرة بين مختلف المناطق، للتواصل مع زعماء وأبناء القبائل والوقوف على أحوال المواطنين والسهر على راحتهم، ويعتلي جبل "حفيت" لممارسة هوايته وإرث الآباء والأجداد المتمثل بالصيد بالصقور واصطياد الغزلان.
واشتهر سموه ـ رحمه الله ـ بين أبناء القبائل كسائر أسلافه من آل نهيان بمهاراته الفائقة وبراعته النادرة في ركوب الخيل واعتلاء صهوات العصية منها.
وبحسه الأصيل وعشقه اللامحدود لهذا الإرث والتراث الخالد حرص على أن يتعلم أنجاله وأحفاده فنون ومهارات الفروسية، وأن يقبلوا على ممارستها، فنهلوا من معينه الذي لا ينضب، وتشربوا قيم الفروسية النبيلة فنشؤوا فرساناً يشار إليهم بالبنان، ملأت إنجازاتهم وشهرتهم الأصقاع، وحازت إعجاب مجتمع الفروسية العالمي وتقديره واحترامه.